المليشيات المدججة.. إبراز القوة للعبث بالثروات الاقتصادية وإعاقة معاش الناس !

الخرطوم: علي وقيع الله
الشدة والمعاناة هذا ما يمر بالبلاد نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، ويعتبر هذا مكسباً لطالما ظلت تمارس أغلب المليشيات المسلحة أنشطة متنوعة سيما في النفط والحدود والتجارة والذهب، في وقت أفاد فيه خبراء اقتصاديون بأن هذه المليشيات تعتمد على حصائل ما تنهبه من ثروات البلاد لدعم قواتها وتسليحها فتصبح جسماً طفيلياً يعيش على مقدرات الدولة بجانب الاعتماد على جبايات يفرضونها على سكان المنطقة التي لا تصلها هيبة الدولة وسيادتها، ويقرأ بعض الخبراء أنه وبوجه الخصوص في السودان مع بداية عمليات استيعاب حركات الكفاح المسلح في الجيش السوداني قد يكون السودان خالياً من المليشيات المسلحة قريباً، ويؤكد البعض الآخر أن أنشطة المليشيات معوق للتنمية ومسبب للفقر والمجاعات، ويشير آخرون إلى أن عدم الاستقرار السياسي له أثر في عدم الاستقرار الاقتصادي مما يجعل أعداد الذين هم تحت خط الفقر متزايد من فترة لأخرى.
جسم طفيلي
يدلي المحلل الاقتصادي، محمد النيل، قائلاً إن غياب الحكم الرشيد والإدارة النزيهة للدولة يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي وتدهور اقتصادها وبالتالي يقود ذلك إلى النزاعات وتفكك الدولة، ويبين أنه من الطبيعي أن تخلق تلك الظروف مناخاً يؤدي إلى قيام مثل تلك المليشيات المسلحة لفقد الدولة هيبة سلطانها وعدم مقدرتها في السيطرة على أراضيها، وأوضح أن المليشيات في مثل هذه الأحوال موجودة منذ نشأة البشرية منها العصابات المنظمة والهمباتة وقطاع الطرق، ويؤكد أن هذه المليشيات تعتمد على حصائل ما تنهبه من ثروات البلاد التي تنشط فيها لدعم قواتها وتسليحها فتصبح جسماً طفيلياً يعيش على مقدرات الدولة ومن ضمن تمويل قواتها الاعتماد على جبايات يفرضونها على سكان المنطقة التي لا تصلها هيبة الدولة وسيادتها كما يحدث الآن في جنوب كردفان، ويشير إلى أن هناك من يفرضون جبايات على السكان ليسمح لهم بممارسة حياتهم الطبيعية من الزراعة والتجارة، في الوقت نفسه مبديا أسفه عبر إفادته لـ(اليوم التالي) من هذا التفلت الذي سمح بدخول مليشيات أجنبية قد تكون معارضة لحكومات بلاد الجوار مثل مناطق الفشقة وحدود جنوب السودان وتشاد، لجهة أنها تعتبر قوات محتلة لأراضٍ سودانية لانعدام سيادة الدولة فيها، وتابع: كلما تأخر فرض سيادة الدولة بعد تغيير ثورة ديسمبر كلما قويت شوكة تلك المليشيات المحلية والمليشيات الدخيلة، ويضيف: إن انشغال المركز بالضائقة الاقتصادية وفقر إمكانيات الحكومة يؤجل حسم تلك القوات المتفلتة التي تتحكم في مقدرات البلد من الثروات الطبيعية وتهدد أمن مواطني المناطق التي ينشطون فيها وفرض جبايات والحد من حرية أولئك المواطنين
استيعاب الحركات
المحلل الاقتصادي الدكتور ،الفاتح عثمان محجوب، قال إن من المهم دوماً التدقيق في المصطلحات في السودان على سبيل المثال وجدت المليشيات ضمن ما يسمى بالقوات الصديقة الجنوبية وأيضاً المليشيات العربية التي تنتمي لقبائل حدودية مع جنوب السودان، بيد أن الآن مع بداية عمليات استيعاب الحركات المسلحة في الجيش السوداني يكون السودان تقريباً خالياً من المليشيات المسلحة عدا حركتا الحلو وعبدالواحد، ويعتبر أن حركة الحلو الموجودة في جنوب كردفان الجهة الأكثر سيطرة على مناجم الذهب في جنوب كردفان وهو لذلك غير راغب في التوصل إلى سلام يحرمه من مناجم الذهب بحجة أنها ثروة قومية، وقلل د. الفاتح في حديثه لـ(اليوم التالي) من صعوبة استعادة مناجم الذهب من مليشيات عبدالعزيز الحلو الذي تمكن بفعل مناجم الذهب من زيادة استحكاماته الدفاعية حول مناجم الذهب.
ونوه إلى أن العراق يعاني من الفساد الذي أدى لضياع معظم أموال ثروته النفطية وهو أيضاً ما ساد في نيجريا وهي أمور لا علاقة لها بقوات الحشد الشعبي، بل فساد المسؤولين العراقيين، ويتفق مع الخبير الاقتصادي النيل السابق بقوله إن السودان الآن لا توجد فيه مواقع بها مناجم ذهب تسيطر عليها مليشيات عدا جنوب كردفان التي تسيطر عليها حركة الحلو ومعظم أنحاء السودان الأخرى بها تنقيب أهلي يشارك فيه معظم أبناء الشعب السوداني.
ضرورة تنظيم
نجد أن حديث الباحث الاقتصادي الدكتور، هيثم محمد فتحي، مطالبة بضرورة تنظيم العملية التجارية ولا بد من أن تكون مقننة تكون لها قواعد وأسس للتعامل بها وبالنسبة إلى هذه الكيانات أو المليشيات المسلحة أو حركات وكل هذه ليس لها حق في أن تمارس التجارة سواء كان بالصناعة أو بالاستخراج أو بالاستيراد أو بالتصدير، وشدد في تصريح لـ(اليوم التالي) على ضرورة أن تكون هذه التجارة وفق أسس وقواعد تدخل في الاقتصاد الوطني وتكون لها فوائد قومية، وقال: إذا لم يكن لها عمل منظم أو قانوني سيكون لها أثر على الاقتصاد القومي مما يؤثر على الصادرات السودانية وعلى حصيلة الصادرات وعلى الميزان التجاري السوداني وقد يكون فيها نوع من الفوضى التجارية تؤثر مستقبلاً على الاقتصاد القومي، وطالب الحكومة بتقنين هذه الأعمال أياً من كان يمارسها.
معوق للتنمية
بينما يقول المستشار الاقتصادي، شاذلي عبدالله عمر، إن الحركات المسلحة جسدت فوضى النزاعات الموجودة في أطراف الدول والدول المجاورة وفي المناطق الطرفية في السودان هذه لها تأثير مباشر على اقتصادياتها وعلى التنمية وعلى مستقبل التنمية الاقتصادية على أفريقيا بصورة عامة وبالأخص في السودان باعتبار أن الدول المجاورة لها تأثير تعسر به السودان، ويرى شاذلي في حديثه لـ(اليوم التالي) أن مثل هذه النزاعات دوماً تتكاثر من خلال انضمام ممثلين جدد في أطراف النزاع من الدول الداعمة، وقال إن الأنظمة أحياناً تستفيد من هذه الاضطرابات الموجودة وبالتالي تعتبر معوقاً بلا شك في تعطيل معاش الناس وتعطيل التنمية وتقدر تكاليف النزاعات في السودان من أهلية ومليشيات غير منظمة موجودة في العاصمة وغيرها بتكلفة 100 مليار دولار في بعض الأحيان وفي الأغلب تعاني بعض الدول التي أصبحت فاشلة لكون أنها مسبب في عدم الاستقرار، وأشار إلى أن هذا ما يقلق بعض الدول الأوروبية التي لديها نفوذ في تشاد وليبيا ومالي ونيجيريا، ونوه إلى أن ما تفسده بوكو حرام من تنمية كلها فواتير ينبغي أن تكون في الحسبان وبالتالي هي معوق للتنمية ومسبب للفقر والمجاعات وعدم الاستقرار السياسي له أثر في عدم الاستقرار الاقتصادي مما يجعل أعداد الذين هم تحت خط الفقر متزايد بصورة يومية، لذلك استبعد أن تنعم مثل هذه الدول بأي نوع من الرفاهية ولا حتى بالاستقرار الاقتصادي.
المصدر من هنا