الجيش السودان يقوّض هدنة الـ7 أيام

الخرطوم – شهدت الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ الإثنين في السودان بداية هشة، إذ أفاد شهود في العاصمة الخرطوم بتحليق مقاتلات في سماء المدينة، واستمرار المواجهات في بعض المناطق، كما اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بتقويض اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في مدينة جدة بالسعودية.
ودوّت في الخرطوم، ليل الاثنين، أصوات معارك وغارات جوية رغم دخول اتفاق جديد لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ رسميا، يؤمل في أن يتيح خروج المدنيين وإدخال مساعدات إنسانية للتخفيف من وطأة نزاع أودى بنحو ألف شخص ودفع أكثر من مليون لترك منازلهم.
وقال الشهود إنه يمكن سماع دوي قصف كثيف في شرق الخرطوم. ونشر أحد السكان صورة تظهر تصاعد أعمدة الدخان في السماء. وذكر سكان في أم درمان وبحري أنهم سمعوا أصوات إطلاق نار.
وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان أنها تصدت “ليل الاثنين الثلاثاء، لهجوم من القوات الانقلابية والفلول، في منطقة السوق العربي واستاد الخرطوم وشارع الحرية، وكبدتهم خسائر فادحة واستولت على عدد 7 عربات بكامل عتادها وتدمير عدد 2 مدرعة، ومقتل عدد من الانقلابيين ومطاردة الهاربين حتى شارع الغابة”.
وأكدت أن “القوات الانقلابية وكتائب الظل استمرت في إطلاق النار العشوائي على الاحياء المأهولة بالسكان، حيث قتل مواطن جراء اصابته بطلق ناري في منطقة الفكي هاشم بمدينة بحري، وسقوط عدد من الدانات في حي الجعليين، ومدرسة بيت المال عند مدخل كبري شمبات أدى إلى تدمير عدد من المباني وخلف خسائر جاري حصرها”.
وأضافت في البيان أن “قوات الانقلابيين واصلت عمليات النهب والسلب للمحال التجارية والأحياء القريبة من منطقة وادي سيدنا، وسجلت شكاوى من المواطنين بتعدي أفراد قوات الانقلابيين على المواطنين الابرياء وهم في حالة سكر”.
وجدد تحذيراتها “للانقلابيين والفلول من حشر القبيلة والجهوية في الصراع العسكري”، وقالت “نآسف لتصفية مواطن على يد المتطرفين داخل حافلة مواصلات بمنطقة أبوحمامة بالخرطوم على أساس قبلي، نؤكد أن هذا المنحى سيدخل بلادنا في نفق حرب أهلية ستكلف الانقلابيين ما لا يستطيعون رده”.
وأشارت إلى أن “هجوم الانقلابيين على المساجد ونهب هواتفهم لم يكن الأول في مسجد الواحة بأم درمان اليوم، فالانقلابيون نهبوا خيرات السودان من قبل لمدة ثلاثون عاماً ومن ذات المساجد وباسم الدين.
وبعد خمسة أسابيع من المعارك الضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية اتفق الجانبان السبت الماضي على هدنة تستمر سبعة أيام بدأت في الساعة 9:45 مساء بالتوقيت المحلي (19:45 بتوقيت غرينتش) الاثنين بهدف إفساح المجال لتوصيل المساعدات.
لكن الجيش السوداني الذي الذي تتهمه قوات الدعم السريع بتنازع اتخاذ القرار، سبق أن خرق ما يقرب من 12 هدنة بعد دقائق على دخولها حيز التفيذ، مما أجبر قوات الدعم السريع على الدفاع عن نفسها.
وكان يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع قد شكك في مقابلة صحفية مساء الأحد في التزام جناح الإخوان داخل القوات المسلحة باتفاق وقف إطلاق النار، وأشار إلى أن ان هؤلاء يرون مصلحتهم في جرّ الجيش إلى حرب طويلة، ويعملون حاليا على التعبئة لحرب طويلة.
وخلال الساعات التي سبقت دخول الهدنة حيز التنفيذ شن الجيش ضربات جوية مكثفة في أنحاء العاصمة الخرطوم على قوات الدعم السريع.
وعلى الرغم من استمرار القتال خلال اتفاقيات سابقة لوقف إطلاق النار، فهذه هي الهدنة الأولى التي يجري الاتفاق عليها رسميا بعد إجراء مفاوضات.
ويشمل الاتفاق آلية مراقبة يشارك فيها الجيش وقوات الدعم السريع بالإضافة إلى ممثلين عن السعودية والولايات المتحدة، اللتين توسطتا في الاتفاق بعد محادثات في جدة.
وقبل قليل من سريان وقف إطلاق النار، أصدرت قوات الدعم السريع رسالة صوتية من قائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) شكر فيها السعودية والولايات المتحدة لكنه حث رجاله على الصمود حتى النصر أو الشهادة.
وقال “لن نتراجع إلا بإنهاء هذا الانقلاب ومحاكمة كل من أجرم في حق الشعب السوداني والعودة إلى المسار الديمقراطي”.
وجدد الاتفاق الآمال في توقف الحرب التي تسببت في نزوح ما يقرب من 1.1 مليون شخص من ديارهم، من بينهم أكثر من 250 ألفا فروا إلى الدول المجاورة، مما يهدد بزعزعة استقرار منطقة مضطربة بالفعل.
وقال فولكر بيرتيس، مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، إن وقف إطلاق النار يجب أن يسمح للمدنيين بالتحرك ويتيح وصول المساعدات الإنسانية.
وأضاف في إفادة بمجلس الأمن الدولي بنيويورك “هذا تطور يستحق الترحيب، مع أن القتال مستمر وتحركات القوات مستمرة حتى اليوم، رغم التزام الجانبين بعدم السعي لتحقيق ميزة عسكرية قبل سريان وقف إطلاق النار”.
وحذّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن عدد الذين يلجأون إلى تشاد هرباً من المعارك الدائرة منذ أكثر من شهر في السودان “يتزايد بسرعة كبيرة” وقد بلغ حوالي 90 ألف لاجئ.
وخلّف القتال الذي تفجر في 15 أبريل الفائت بين الجانبين، خسائر فادحة في البنية التحتية. إذ خرج معظم المستشفيات عن الخدمة، سواء في الخرطوم أو إقليم دارفور غرب البلاد حيث اشتد القتال أيضاً.
كما أُجبِر الذين لم يتمكنوا من الفرار من سكان العاصمة البالغ عددهم 5 ملايين نسمة تقريباً على ملازمة منازلهم بلا ماء أو كهرباء.
وقُتل أكثر من 860 شخصاً، وأصيب ما لا يقل عن 5287، بحسب منظمة الصحة العالمية، على الرغم من أنه يُعتقد أن العدد الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك بكثير.
المصدر من هنا